صديقي العزيز كارلوس سليم،
أصحاب السعادة،
الحضور الكريم
يسعدني أن أرحب بصديقي العزيز كارلوس، في مقر الإتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة العربية، كما يسرني أن يشاركني في الترحيب بك اليوم سبعة وزراء لبنانيين وممثلو القطاع الخاص في لبنان بحضور رؤساء أربعة عشر هيئة إقتصادية لبنانية.
عشرُ سنوات مضت منذ لقائنا الماضي في المكسيك حين لبيتُ دعوة الرئيس المكسيكي السيد زيدللو، من موقعي كرئيس لغرفة التجارة الدولية. وقد كان للقائنا القصير حينها الصدى المؤثِر لدي، خصوصا" وأنني تعرّفت وعن كثب إلى الجانب الآخر للشخصية المشهورة لكارلوس سليم . كارلوس العملي ، والمتميز بكاريزما عالية محببة ، والشديد التعلّق بعائلته ووطنه.
ويومها تناقشنا في الكثير من الأمور البعيدة عن عالم الأعمال وتحدثنا عن أهوائنا وهواياتنا وإهتماماتنا على صعيد الفن والثقافة. وافترقنا على أمل اللقاء القريب، لكن وللأسف لم تتسنّ لنا فرصة اللقاء ثانية حتى يومنا هذا الذي أتيح لي فيه شرف الترحيب بكَ في وطننا الحبيب.
ولكَ أن تقدّر مدى سعادتنا للترحيب بك في وقتٍ تحتفل كافة وسائل الإعلام العالمية بتبوّأك قمة أغنياء العالم. لبنان أيضا" يبتهج لنجاحك ويغمرنا الشعور بأن نجاحك هو نجاحنا كما هو نجاح كل رجال الأعمال اللبنانيين الذي يرفعون راية لبنان عاليا". لبنان فخور بك، ونحن فخورون بك ، لأن رجل الأعمال الأول في العالم هو لبناني من وطننا.
ُولدتَ في ولاية مكسيكو وترعرعتَ في كنف عائلة متماسكة من جذور لبنانية، ونجحت في قيادة أعمالك من خلال تفانيك ورؤياك البعيدة وعلاقاتك الواسعة، يميّزك حسن إدارتك الإستراتيجية والتكتيكية. وهنا يصح القول بأنه لربما تسري جينات وراثية تعود لأجدادنا الفينيقيين في عروقك لتحقّق كل هذا النجاح.
وسيذكر التاريخ أنه خلال حقبة الثمانينات ، وحين كان المستثمرون يحاولون إنقاذ إستثماراتهم في المكسيك بسبب الإضطرابات الإقتصادية، راهنتََ أنت على مستقبل بلدك الثاني وإستثمرتَ في العديد من المؤسسات غير المستقرة، لتبني أمبراطوريتك التي تضم مجموعة من الصناعات الغذائية وإطارات السيارات والمناجم والبناء والمخازن الكبرى والتأمين والمصارف. وفي التسعينات، قادتك رؤياك وبُعد بصيرتك إلى الإستثمار في قطاع الإتصالات لتنطلق بأوسع خدمة إتصالات خليوية في أميركا اللاتينية.
والجميع يدرك حجم الجهد والوقت والثروة الذي بذلته في سبيل تحسين الظروف المعيشية في أميركا اللاتينية من خلال شبكة المؤسسات الخيرية التي أسستها لتأمين الفرص التعليمية والخدمات الصحية ولتأهيل البنية التحتية من ريو إلى المنطقة القطبية. وكانت لك أيادٍ بيضاء على مستوى الفن والثقافة وأسست "متحف سمية" تخليدا" لذكرى زوجتك الحبيبة. إن تفانيك وعطائك قد أحدثا فرقا" كبيرا وشكّلا أمثولةً لقطاع الأعمال وكيف يمكن أن يعطي ويبذل في سبيل المجتمع.
عزيزي كارلوس،
نحن هنا اليوم لتهنئتك على إنجازاتك التاريخية ولنتشارك سوية في التطلع نحو تحفيز النمو في إقتصاد بلدينا ، ولتأسيس مستوى معيشي لائق ومزدهر لشعبينا، ولنساهم في تحويل أحلام شعوبنا إلى حقيقة.
نحن نعتز ونفتخر بك وبإنجازاتك تماما" كما نفتخر ببلدنا وبمجتمع الأعمال اللبناني، وأنت تعلم أن لبنان قد مرَ خلال الأعوام الثلاثين الماضية بفترة تحديات كبيرة. لقد صمدنا خلال خمسة عشر عاما" في وجه حرب داخلية قاسية ومدمِرة تسببت بأضرار ودمار وخراب، بالإضافة إلى خسائر هائلة في الأرواح، وتدمير الإقتصاد بكافة قطاعاته التجارية والصناعية والزراعية والمصرفية والسياحية.
وما إن انتهت الحرب، حتى اندلعت الأزمات السياسية في لبنان لتواجهنا بعدها حرب مدمِرة جديدة شنَها العدو الإسرائيلي على لبنان بهدف تدمير البنية التحتية. إلا أننا نجحنا مرة جديدة في مواجهة هذه التحديات الصعبة وفي إعادة بناء وطننا الحبيب لبنان.
لقد صمد معظم اللبنانيون خلال الحرب في لبنان وقاسوا الأمرّين خلال الأخطار التي واجهها بلدنا، لأننا نؤمن جميعنا بهذا البلد الذي أعدنا بنائه من دون إنتظار للمساعدات والتعويضات الخارجية. كما لم يخلّ قطاع الأعمال اللبناني بأيٍ من إلتزاماته حيال شركائه في العالم، حتى حين ُدمِرت المكاتب والمصانع، حافظ القطاع الخاص على ثباته ووحدته، ولديه كل العزم والتصميم على بناء ما تهدّم في كل مرة، وهذا الأمر لا بد وأنكم لاحظتموه خلال زيارتكم .
لذلك يمكنك يا صديقي العزيز كارلوس أن تعتز وتفتخر باللبنانيين الذين أتخذت إرادتهم وقوة تصميمهم بعدا" أسطوريا" على الصعيد العالم العربي كما في العالم كله.
لقد استعاد لبنان الطريق الصحيح، وذلك في ظل القيادة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وفي إطار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وبالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري. لقد نجح لبنان في إستعادة إستقراره السياسي ولا يزال يعمل على تعزيزه من خلال التفاهم التام والتعاون بين الرؤساء الثلاثة.
لقد تمكّنا أيضا"، في ظل الركود الإقتصادي العالمي والأزمة المالية العالمية، من مواجهة التحديات عبر تثبيت الإستقرار وتحفيز النمو الإقتصادي. فقد سجّل الإقتصاد اللبناني معدلات نمو تراوحت بين 7 و 8 بالمئة، وزيادة في تدفق رؤوس الأموال، وفائض في ميزان المدفوعات، وسياسة نقدية حكيمة، بمساندة قطاع خاص ديناميكي وخلّاق نجحَ في الحفاظ على قوة لبنان وثباته في مواجهة الأزمات العالمية.
وبلدنا اليوم في موقعٍ يؤهّله لإستعادة دوره الطبيعي كمركز إقتصادي ريادي في المنطقة والعالم. لقد غدا لبنان قطبا" إستثماريا" جاذبا" للإستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات الإنتاجية، وأثبت للمستثمرين الأجانب ولشركائه أنه يشكّل بيئة صلبة وآمنة لتحقيق إستثمارات ذات ربحية عالية.
ونحن نرحب بهذا الدفق الإستثماري الواسع لأن طبيعة الإقتصاد اللبناني الحر وبحكم تكوينه، تشكل بيئة جاذبة لمشاريع وأفكار القطاع الخاص أكثر منها للقطاع العام. ونحن نرى كيف تتداعى الدول الغنية من الدول النفطية والدول المتقدمة لإستضافة المؤتمرات الإستثمارية بهدف إجتذاب الإستثمارات. أما نحن في لبنان، فنتكل بشكل أساسي على أصدقائنا وشركائنا، للإنضمام إلى مبادرات القطاع الخاص اللبناني في سبيل الإستثمار في بلدنا، ليس على سبيل الضعف لا بل من منطلق نقاط القوة التي تتمتع بها بيئتنا الإستثمارية لتقديم الفرص الإستثمارية الواعدة.
عزيزي كارلوس،
نأمل أن نرحب بك دوما" في لبنان، وطنك الذي يستقبلك اليوم كرجل أعمال عالمي ناجح، والذي يهنئ نفسه بنجاحاتك كلبناني من أبنائه. ونحن على ثقة بأن لبنان سيبقى دائما" في قلبك كما نأمل أن تبقيه دائما" ضمن خطط أعمالك الإستراتيجية وشبكة علاقاتك وصداقاتك.