في إطار إجتماعاتها المفتوحة، عقدت الهيئات الاقتصاديّة، برئاسة الوزير السابق عدنان القصّار، اجتماعا تشاوريا في مقر غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان، حيث جرى التداول في التطورات التي تشهدها الساحة الداخليّة، خصوصا على صعيد الحراك الحاصل في شأن التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، والآثار المترتبة عن استمرار الفراغ الرئاسي على الاقتصاد الوطني، وصدر عن المجتمعين البيان الآتي:
أولا: تأسف الهيئات الاقتصاديّة لعدم تمكّن الفرقاء السياسيين من انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في جلسة الانتخاب الـ 45 التي عقدت أمس، ما يعني تمديد الفراغ الرئاسي إلى حين انعقاد جلسة الانتخاب التي عيّنها رئيس المجلس النيابي ألاستاذ نبيه برّي إلى 31 تشرين الأوّل المقبل، حيث نتمنى أن يكون الوقت كافيا لتوافق الفرقاء السياسيين على اسم الرئيس العتيد، بما يجّنب البلاد كأس الفراغ المرّة، خصوصا في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي، نتيجة شلل المؤسسات الدستوريّة.
ثانيا: إنّ الهيئات الاقتصاديّة إذ تنوّه بالحراك السياسي الذي يقوم به دولة الرئيس سعد الحريري مع الأطراف والقوى السياسية في سبيل إحداث خرق في ملف الرئاسة الأولى، تأمل بأن تؤدي هذه المشاورات إلى التوصّل لتوافق على اسم الرئيس العتيد من أجل إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من سنتين ونصف، والذي كبّد الاقتصاد اللبناني خسائر جسيمة في كافة القطاعات الانتاجية، وأدّى إلى ارتفاع مستوى الدين العام وتراجع مستوى النمو.
ثالثا: إنّ الهيئات الاقتصاديّة التي كانت علّقت تحركها والذي كانت قد قررته اليوم، سوف تنتظر نتائج المشاورات الجارية في الوقت الراهن والتي نأمل أن تكون نتائجها إيجابية، بما ينعكس بالتالي إيجابا على مجمل الأوضاع في البلاد. وهنا أمام القوى والأطراف السياسية فرصة تاريخية لإنتاج الحل المنشود قبل الجلسة 46 التي تقررت في 31 تشرين الأول المقبل، وإلا فإنّ الهيئات ستعود مجددا إلى تحديد الخطوات التي ستتخذها حفاظا على المصلحة الوطنية، خصوصا وأنّ الظروف والأوضاع الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد لم تعد تحتمل التسويف أو التأجيل على الاطلاق، باعتبار أنّ المؤشرات الاقتصادية السلبية باتت تنذر بما هو أخطر في حال بقيت الأمور على ما هي عليه اليوم.
رابعا: وتسأل الهيئات: هل تمثّل فعلا القوى والأطراف السياسية مصلحة لبنان واللبنانيين؟ وهل تريد فعلا إنقاذ لبنان؟ لغاية الآن العكس على ما يبدو هو الصحيح لأنّ بقاء البلاد منذ أكثر من سنتين ونصف من دون رئيس للجمهوريّة هذا إلى جانب شلل عمل مجلسي النواب والوزراء، وتعطيل جلسات الحوار الوطني، يؤشّر إلى شيء واحد أنّ القوى السياسية عن حسن نيّة أو عن سوء نيّة، ساهمت في هدم جزء من الهيكل، ونخشى لا سمح الله أن تدمّر الهيكل بأكمله على رؤوس الجميع في حال لم تغلّب لغة العقل والمنطق.
خامسا: لقد أثبتت التجارب أنّ لبنان محكوم بمنطق التوافق بعيدا عن غلبة فريق على آخر، ومن هذا المنطلق لا بدّ من إعادة جميع القوى السياسية حساباتها، وعدم الرهان على الخارج، لأنّ الخارج لم ولن يكون حريصا على مصلحة بلدنا أكثر من اللبنانيين أنفسهم، لذا يجب أن يكون التوافق المنشود والذي نصر أن يحصل اليوم قبل الغد "سلّة متكاملة"، باعتبار أنّ الحل المجتزأ سوف يبقي البلاد في دوامة التعطيل، وهو ما لا يمكن تحمّله على الإطلاق لأنّ البلاد تحتاج إلى الشروع بورشة إصلاحيّة طارئة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولتعويض ما يمكن تعويضه من خسائر اقتصادية تراكمت منذ بدء الشغور الرئاسي وما تزال مستمرة لغاية اليوم.
سادسا: أبدت الهيئات قلقها الشديد إزاء الزيادات الضريبية المقترحة في مشروع قانون موازنة العام 2017، وذلك في ضوء التراجع الاقتصادي الحاد، والصعوبات التي تعاني منها المؤسسات للبقاء والحفاظ على العاملين واستمرارية العمل. كما أبدت الهيئات قلقها إزاء طرح زيادة أعباء أجور القطاع العام، في فترة تلجأ معظم الدول النفطية إلى تخفيض كلفة الأجور لديها، وإرساء سياسات تقشفية حفاظا على استقرارها المالي.
سابعا: قررت الهيئات الاقتصاديّة الإبقاء على اجتماعاتها مفتوحة، وتشكيل لجنة متابعة، لاستطلاع المواقف والآراء، وبالتالي اتخاذ المواقف المناسبة والتي تتلاءم مع حجم التحديات التي تواجهها البلاد.