كلمة معالي الأستاذ عدنان القصّار
رئيس الهيئات الاقتصاديّة اللبنانيّة
في مؤتمر الهيئات-غرفة بيروت وجبل لبنان
إخواني رؤساء وأعضاء الهيئات الاقتصاديّة اللبنانيّة
السيدات والسادة ممثلي وسائل الإعلام
أيّها الحضور الكريم،
اسمحوا لي بداية، وقبل أيّ شيء آخر، أن أتقدّم بالتحيّة إلى أروح الشهداء العسكريين، الذين سقطوا دفاعا عن كرامتنا وعزّتنا، على أيدي الجماعات الإرهابيّة والظلاميّة. وإنني لا أمتلك أمام هذا الوقع الجلل، إلا أنّ أعلن وقوفي ووقوف الهيئات الاقتصاديّة، إلى جانب الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة اللبنانيّة، ودعمهما في معركتهما ضدّ الإرهاب. كما وأتوجّه بالتعزية والمواساة إلى ذوي الشهداء وقيادة الجيش اللبناني، عسى أن تكون دماء العسكريين التي روت أرض الوطن، مصدرا لخلاص لبنان وقيامته.
واسمحوا لي أيضا، أن أشدّ على أزر أهالي العسكريين المختطفين، من قبل الجماعات الإرهابيّة، وأؤكّد أنّ قضيّة هؤلاء العسكريين هي قضيتنا وقضيّة كل لبناني، لذا أطالب من موقعي كرئيس للهيئات الاقتصاديّة الدولة اللبنانيّة، التي لنا ملء الثقة بما تقوم به في هذا الملف، أن تتابع جهودها في سبيل إطلاق العسكريين المختطفين، والعمل على تحريرهم وإعادتهم سالمين في أقرب فرصة ممكنة إلى ذويهم، لإقفال هذا الجرح النازف منذ ما يزيد عن الشهر.
السيدات والساده،
مرّة جديدة، نجد أنفسنا إزاء الأوضاع المترديّة والمتراكمة في البلاد، مضطرّين إلى التحرّك ورفع الصوت عاليا. فالوضع السياسي ليس مريحا على الإطلاق، حيث الخلافات تتسع هوّتها يوما بعد يوم. والوضع الأمني يبعث على القلق حيث الفلتان الأمني بات يهدد مصير البلاد والعباد. أما الوضع الاقتصادي فحدّث ولا حرج، حيث معظم القطاعات الإنتاجية، ولا سيّما القطاعين السياحي والتجاري، تواجه واقعا سلبيّا منذ ما يزيد عن السنتين، وذلك على الرغم من التحسّن المحدود الذي طرأ بعد تشكيل حكومة الرئيس تمّام سلام.
وأمام هذا الواقع، لا بدّ من أن يتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم، لأنّ بقاء الأمور على ما هي عليه اليوم، واستمرار القوى السياسية على ذات النهج التعطيلي، سوف يولّد لا سمح الله انفجارا اجتماعيّا في الشارع الذي يغلي في الأساس.
وهنا لا بدّ وأن نذكّر علّ التذكير ينفع، بأن المنطقة العربيّة تقف على صفيح ساخن، ولبنان وسط البركان العربي المضطرب والهائج، ليس بمنأى ولن يكون بمنأى عمّا يحصل من حولنا، علما أنّ التداعيات أصابت أوّل من أصابت الاقتصاد اللبناني.
السيّدات والسادة،
إنّ المطلوب اليوم، وبعيدا من لعبة الربح والخسارة، التي تمارسها القوى السياسية، الاحتكام إلى اللعبة الديمقراطيّة التي تستوجب من السادة النوّاب، النزول إلى المجلس النيابي، وانتخاب رئيس للجمهوريّة اليوم قبل الغد، لأنّ تمنّع النوّاب المنتخبين من الشعب والمسؤولين عن مصلحة الشعب، هو بمثابة طعنة قاتلة في صميم الديمقراطيّة في لبنان.
لذا، فقد آن الأوان لأن يكون للبنان رئيس منتخب، يعيد ضخّ الروح إلى الجسد اللبناني العليل، ويساهم في تفعيل عمل المؤسسات الدستوريّة، بدءا من رئاسة الجمهوريّة حيث الشغور الرئاسي دخل شهره الرابع، ومرورا بالمجلس النيابي المعطّل بدوره، ووصولا إلى رئاسة مجلس الوزراء المكبّلة عن اتخاذ القرارات التي تصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين.
أيّها الزملاء،
لبنان وطننا جميعا، ونحن كهيئات اقتصاديّة لطالما شكّلنا رأس الحربة في الدفاع عن الكيان والاقتصاد اللبناني، ولكن مع ذلك هنالك مسؤوليّة مشتركة من قبل الجميع، من أجل الحفاظ على مستقبل وطننا، ومستقبل الأجيال القادمة. وعلى هذا الأساس فإنني أتوجّه بصدق إلى القوى السياسية من أجل أن تضع خلافاتها جانبا، وأن تتوحّد وتتعاون في ما بينها ومعنا، وأن تقدّم التنازلات التي من شأنها أن تحمي بلدنا وتحصّنه من المؤامرات التي تحاك ضدّنا بهدف نشر الفوضى والفتنة وزعزعة عامل الاستقرار.
إنّ الحفاظ على لبنان وطن الرسالة، وعلى جوهر لبنان القائم على التعددية واحترام الآخر، هو ما يجب أن نتمسّك به والعمل على الحفاظ عليه بأشفار العيون، خصوصا في ظل الظروف غير المريحة في لبنان والمنطقة العربيّة. وأعتقد لا بل أجزم، أنّ الظروف ما تزال سانحة من أجل حماية بلدنا وإنقاذه للوصول به إلى بر الأمان.
أيّها السياسيون،
إنّ الصرخات التي أطلقناها سابقا ونكررها اليوم، أنتم معنيّون بها بشكل أساسي، لأنّ بأيدكم الحل والربط، ومن هنا نأمل أن تصل صرختنا اليوم إلى مسامعكم، بحيث تبادرون فورا إلى اتخاذ القرارات الجريئة، من دون انتظار ما يجري في الخارج، لأنّ الوطن أهم من تسجيّل النقاط على بعضنا البعض في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة.
نطالبكم مرّة أخيرة، بأن تكونوا على قدر التضحيات الجسام التي قدّمها ويقدّمها العسكريون الشرفاء في سبيل الذود عن لبنان، وأن لا تفرّطوا بالدماء الزكيّة التي رواها شهداء المؤسسة العسكريّة على مذبح الوطن، ولكم من بعد ذلك الحكم والتصرّف.
عشتم، عاش الجيش اللبناني، وحمى الله بلدنا العزيز لبنان.