مقابلة صحيفة الحياة مع معالي الأستاذ عدنان القصار
1. ما هي الخطوات المقبلة للهيئات للضغط على القوى السياسية في حال لم تشكل الحكومة بعد الرابع من أيلول؟
لا أحب أن استبق الأمور، فالخطوات المقبلة مرهونة بأوقاتها. وأملنا معقود اليوم على أن يلقى مطلبنا التجاوب الذي يستحقه نظرا للأهمية الكبيرة لوجود حكومة جامعة وفاعلة تتمتع بالثقة وتمسك زمام الأمور في البلد لتوفير الأمن والاستقرار وإيلاء الشأن الاقتصادي الاهتمام المطلوب لمعاكسة المنحى التراجعي الذي دخله الاقتصاد اللبناني منذ أكثر من عامين ونصف.
2. كيف تقيمون قدرة الاقتصاد اللبناني على الصمود، وما هي درجة الخطورة التي وصل إليها، وهل تنسحب هذه الأخطار على كل القطاعات؟
المقياس الأساسي هو بنسبة النمو التي تسجل تراجعا منذ بدء احتدام التجاذبات السياسية في البلد، حيث انخفضت من 4.5% عام 2010 إلى 4% عام 2011، ووصلت إلى أقل من 3% عام 2012 لتقدر بنحو 2.5%، فيما نخشى من استمرار هذا المنحى التراجعي للعام الحالي 2013 ليصل إلى نحو 1.5%. فهل علينا أن ننتظر لتصبح المعدلات سلبية وندخل في دوامة من الركود وما لها من تبعات وتداعيات اقتصادية واجتماعية لا تحمد عقباها؟
صحيح أن لدينا ثقة عالية بقدرة الاقتصاد اللبناني على الصمود وامتصاص الأزمات، وما أثبته من مناعة تجاه الأزمات الكبيرة التي مرت علينا سابقا، لكن هذا لا يعني أن نقبل باستمرار استنزاف مكامن الطاقة والقوة في اقتصادنا إلى ما لا نهاية، خصوصا وأن المرحلة الأخيرة شابها ارتفاع حدّة الفلتان الأمني وتخويف المستثمرين والسياح، وخصوصا أشقائنا العرب منهم، مما أدى إلى تعريض مصدر قوة أساسية للاقتصاد اللبناني، وتتمثل بارتباطه الشديد بالاقتصاد العربي وتكامله العميق معه في كافة المجالات.
وهناك تفاوت في التراجع والخسائر بين القطاعات، حيث السياحة والنشاطات المرتبطة بها تعتبر من أكثر القطاعات المتضررة مع تراجع عدد السياح في 2011 و2012 بنسبة 14 و20% على التوالي. كما يسجل تراجع في النشاط التجاري، وفي حركة البناء، وفي إنتاج وتصدير السلع والمنتجات الصناعية والزراعية، ويتزايد العجز في ميزان المدفوعات مع تراجع التحويلات وزيادة المستوردات بأكثر من الزيادة في التصدير تباعا بعدما كان قد سجل فائضا مقداره 8 مليارات دولار عام 2009 و3.5 مليارات دولار في 2010. أما الاستثمارات الخارجية التي عادة ما تمثل أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، فإنها لا تتجاوز اليوم نسبة 2.5% منه. ومجمل هذه المؤشرات تضاف إلى صعوبات هيكلية موجودة أصلا تتصل باستمرار تردي الخدمات العامة، واستمرار جيوب الهدر والفساد، وتنامي الإنفاق العام من دون أن يقابله أية زيادة في الإنتاج والإنتاجية، مع الارتفاع المتتابع في عجز الموازنة والدين العام الذي يمكن أن يصل إلى 70 مليار دولار لو بقي الأمر على ما نحن عليه من التراجع والتهاون في البلد واقتصاده وماليته العامة.
3. هل تعتقدون أن الحكومة المقبلة في حال تشكلت ستتمكن من تأمين الاستقرار الأمني والسياسي في ظل ارتباط لبنان بما يجري في سوريا، وبالتالي لتوفير المناخ الآمن والحافز للخروج من الانكماش والركود؟
لا بد من ذلك، وهي مسؤولية أساسية على كافة القوى السياسية. ولذلك فإننا نؤيد بقوة موقف فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان الذي دعا إلى تفعيل سياسة النأي بالنفس. وندعم جهوده والرئيس المكلف لتأليف حكومة جامعة تلبي طموحات اللبنانيين وتعمل في سبيل المصلحة الوطنية العليا.