أجوبة فرنسَبنك عن عدد المصارف
معالي الأستاذ عدنان القصار | رئيس مجلس الإدارة
جريدة السفير | أيلول 2012
كيف كان اداء فرنسبنك في النصف الاول من 2012، بعد سياسة التوسع محليا وخارجيا؟
خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، حافظ فرنسَبنك على نموه وتطور أدائه وتحقيقه نتائج مالية مهمة، بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان وتأثرها بالظروف الإقليمية المحيطة غير المؤاتية. وقد زادت موجودات البنك إلى 15 مليار دولار اميركي في نهاية حزيران 2012، بنمو سنوي نسبته 9.25%. كما ارتفعت قاعدة ودائع الزبائن إلى 12.5 مليار دولار، بنمو سنوي نسبته 11 في المئة. وتوسعت تسليفات البنك إلى 4.5 مليار دولار، بنمو سنوي نسبته 12 في المئة. هذا وزادت الأموال الخاصة إلى 1.30 مليار دولار. وبلغت نسبة الملاءة المالية في نهاية حزيران 2012 أكثر من 11.23 في المئة متجاوزة بذلك المعدل المطلوب دولياً من قبل لجنة بازل للرقابة المصرفية ومن مصرف لبنان والبالغ 8%.
وبذلك استطاع فرنسَبنك تأمين قاعدة صلبة من الاموال الخاصة، ومواكبة عملية التطور والتوسع داخلياً وخارجياً مسجلا حتى اليوم إرتفاعاً ملحوظا" في حركة المنتجات المصرفية وإرتفاعاً في عدد فروعه إلى 143 فرعاً منتشراً في 8 دول في العالم. وسيكون لنا فرع في العراق في وقت قريب.
1- يتعرض القطاع المصرفي والمالي ومعه الاقتصاد ككل إلى ضغوط مستمرة نتيجة الظروف الإقليمية الأمنية منها والسياسية، ما هو مدى انعكاس هذه الضغوط على النشاط المصرفي بشكل عام؟
من الطبيعي في ظل الظروف الإقليمية الأمنية والتطورات السياسية أن تحدث بعض الضغوطات والارتدادات غير المسبوقة التي قد تؤثر سلباً بجوانبها الأمنية والإقتصادية والمصرفية. ولكن الإدارة الحكيمة لمصرف لبنان والهيئات الرقابية والمصارف اللبنانية أسهمت باستمرار وبشكل رئيسي في ترسيخ الإستقرار النقدي والمصرفي. ذلك ان القطاع المصرفي في لبنان يتمتع بميزات تفاضلية كبيرة اقليميا" من خلال ارتكازه الى بعض المقومات الأساسية من حيث المرونة والسياسة المحافظة التي توفر له قدرة فائقة على ادارة الأزمات وخبرات عميقة للتأقلم مع الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد والمنطقة. لذلك، فهدفنا الأول والأخير في المصارف اللبنانية عموما، وفي فرنسَبنك خصوصا، هو السلامة والأمان، والحفاظ على ثقة الجمهور في الداخل والخارج. وهذا ما يمكن أن اطمئن إليه الجميع بأن المصارف اللبنانية، ملتزمة الحدود القصوى من المعايير تلك، ونعتمد سياسات محافظة في إدارة السيولة ومخاطرها، وإدارة توظيفاتها ونوعيتها لاسيما في المحافظ الخارجية.
2- تبرز بين الفترة والأخرى محاولات لادخال لبنان في حظيرة العقوبات الأميركية والدولية، فما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به المصارف لتفادي ذلك؟ وماذا على صعيد تدابير مصرفكم ؟
التزام المعايير الأميركية والدولية هو في صلب اهتمامات القطاع المصرفي ومصرف لبنان والهيئة الخاصة بمكافحة تبييض الأموال. وتلتقي المصارف اللبنانية في هذا الاطار مع الجهود الدولية المبذولة لهذه الغاية. وأود التشديد على أن هذا الالتزام غير قابل للنقاش، وهو موضع متابعة واهتمام في كل يوم، بالتنسيق والتعاون مع مصرف لبنان والحكومة اللبنانية وجمعية المصارف. ولقد حسمت المصارف اللبنانية موقفها حيال قواعد الامتثال للقوانين المصرفية الدولية لا سيما الأميريكية منها. وليس هناك أي مصلحة إطلاقا للمصرفيين في تمرير عمليات تقع تحت دائرة الشبهة والمساءلة الدولية. وهم حريصون على عدم المس بقوة القطاع المصرفي ومكانته وحفظ مقومات نموه المستدام وتواصله الإيجابي مع النظام المالي الدولي.
ولقد أخذنا في فرنسَبنك التدابير اللازمة وباشرنا بتطبيقها على العملاء الذين ينطبق عليهم قانون "فاتكا" الأميركي الذي يفرض إجراءات قاسية على المؤسسات المالية والمصرفية في الخارج التي لها معاملات مع مراسليها من المصارف الأميركية، تحت طائلة وقف التعامل مع أي مؤسسة مخالفة. كما ينسحب الأمر كذلك على التزام فرنسَبنك كما المصارف اللبنانية كافة لائحة العقوبات المفروضة على إيران وسوريا. وهناك تفهم سياسي لبناني لموقف المصارف في هذا المجال.
3- يأخذ على القطاع المالي والمصرفي أن حجمه يفوق ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد بهدف تعزيز مقولة عدم قيام لبنان بمكافحة تبييض الأموال وتسهيل عمليات دخول الأموال الايرانية والسورية المحظورة. فما هو ردكم على هذه المعادلة؟
ان حجم القطاع المالي والمصرفي يشكل ثلاثة اضعاف حجم الاقتصاد اللبناني وقد استطاع المحافظة على وضعه المالي والنقدي باعتماده نموذجا مصرفيا يعتمد على قواعد تتضمن الكثير من الوقاية والحد من عملية تبييض الأموال.
والمعروف في ما خصّ مكافحة تبييض الاموال، أن لبنان من الدول الاولى في المنطقة التي بادرت الى الالتزام القوانين والمعايير الدولية المتوجبة عليه في هذا المجال، وهو من أسس اهتمامات القطاع المصرفي ومصرف لبنان والهيئة الخاصة بمكافحة تبييض الأموال. وكما ذكرت سابقاً إن التزام المعايير الدولية هو الالتزام غير قابل للنقاش، وهو موضع متابعة واهتمام في كل يوم، بالتنسيق والتعاون مع مصرف لبنان والحكومة اللبنانية والهيئة الخاصة لمكافحة تبييض الاموال وجمعية المصارف. وينسحب الأمر على التزامنا لائحة العقوبات المفروضة على إيران وسوريا.
4- دور القطاع المصرفي في تمويل الدولة إلى أي مدى يستطيع الاستمرار في تلبية هذه الاحتياجات؟ وهل يستمر بالتمويل من دون شروط؟
القطاع المصرفي مستمر بتوفير التمويل للقطاع العام بما ينسجم مع توفير أعلى مستويات الأمان والسلامة المصرفية، وأثبت قدرة عالية ومرونة فائقة في مواكبة الاحتياجات. وبالطبع يبقى مصرف لبنان المركزي الداعم الأساسي لملاءة الدولة عند الحاجة.
وقد ارتفعت محفظة القروض للقطاع الخاص مقومة بالدولار الأميركي حتى النصف الأول 2012 بالمقارنة مع النصف الأول 2011 11.78 في المئة بواقع 4.510 مليارات دولار أميركي إلى 42.800 مليارا. في حين ازدادت القروض للقطاع العام 5.65 في المئة، بواقع 1.609 مليار دولار أميركي إلى 30.113 مليارا. ويشير حجم التسليفات للقطاع الخاص إلى الدور الذي يلعبه القطاع المصرفي في تمويل الإقتصاد اللبناني والنمو.
5- دور القطاع المصرفي في الاقتصاد هل تعتبرونه كافيا من حيث التسليف وكلفة الاقراض؟
لا يستطيع أحد أن ينكر حجم التركز المرتفع أو العالي للقطاع المصرفي في الاقتصاد لجهة التسليف أو القروض، بمعنى تمركز حركة الايداع والاقتراض بقسمها الاكبر عند نسب قليلة من المتعاملين والنشاطات، وحتى في المناطق.
ولكي يأتي الكلام أكثر واقعية، فإن هذا التركز في القطاع المصرفي هو كافيا" وجاء ليعكس مستقبل لبنان الإقتصادي وقدرات ابنائه على النهوض به وعلى تطوير اقتصاده وعلى زيادة قدراته التنافسية وبالتالي قلب التحديات التي يواجهها جراء الأحداث التي تشهدها بعض البلاد العربية الى فرص حقيقية لزيادة التبادل الإقتصادي بينه وبين هذه الدول ولتعزيز سعيه للاطلاع بدور متقدم ومتجدد في المنطقة والعالم وعلى كافة الصعد المالية والمصرفية والإقتصادية.
وأنا شخصيا أعتبر أن هناك خمسة أركان أساسية لتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة للعمل المصرفي والاقتصادي بشكل عام، وهي الاستقرار الأمني، والاستقرار السياسي، والاستقرار التشريعي، والاستقرار الضريبي، والاستقرار في العملة. وعلينا أن لا نمس بهذه الثوابت وأن نعمل على تعزيزها لحماية وتنمية اقتصادنا وتوفير فرص العيش الكريم لجميع أبنائه.
6- تظهر نتائج الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي تراجعا في نمو الودائع مقارنة مع السنوات الماضية، فإلى أي مدى فوّت لبنان فرصة الافادة من هجرة الرساميل للدول الاقليمية؟ وما هو حجم النمو المقدّر للقطاع المصرفي للعام 2012؟
على الرغم من الضغوط المتنوعة والظروف السياسية والأمنية المحلية والإقليمية على القطاع المصرفي، لم تؤثر الأزمة الاقتصادية على حركة النمو للقطاع المصرفي سلباً، بل حدّت من وتيرته التصاعدية الإستثنائية التي حصلت في السنوات السابقة، مسجلة حتى اليوم إرتفاعاً ملحوظا" في حركة المنتجات المصرفية. وقد ازدادت في الواقع التدفقات المالية إلى لبنان في الأشهر السبعة من 2012 حتى تموز بواقع 15 في المئة الى 8.8 مليارات دولار اميركي. في مقابل 7.6 مليارات في الفترة نفسها 2011. بيد ان الزيادة لم تكن كافية لتسجيل فائض في ميزان المدفوعات نتيجة العجز الكبير في الميزان التجاري الذي تجاوز تراكما حتى نهاية تموز 2012 10 مليارات دولار اميركي. فكان ان سجل ميزان المدفوعات عجزا تراكميا في الفترة نفسها تجاوز المليار و342 مليون دولار اميركي.
وقد اظهرت المؤشرات استقرارا مستمرا في القطاع المصرفي وقد حافظ على نموه إنما بوتيرة أقل عن النصف الأول 2012. فالموجودات الإجمالية ازدادت 5.2 مليارات دولار أميركي إلى نحو 150 مليارا بنسبة نمو 3.6 في المئة. وارتفعت الودائع نحو 4.1 مليارات دولار أميركي إلى 124.1 مليارا أي بنسبة 3.4 في المئة. وتتجه التوقعات الى نمو في الودائع في نهاية 2012 بواقع 8 في المئة. واستنادا إلى الإحصاءات المصرفية المتوافرة يمكن القول أن نمو الودائع تراجع بنحو 12 في المئة عن متوسط النمو الذي سجله في السنوات الخمس الأخيرة. ونتفهم ظروف تراجع وتيرة النمو ولسنا قلقين حيالها.
بيد ان حركة التسليفات للقطاع الخاص بقيت ناشطة نسبيا، وسجلت 42 مليارا و798 مليون دولار اميركي في حزيران 2012، بزيادة نحو مليارين و314 مليونا بالمقارنة مع كانون الاول 2011. أي بارتفاع 5.72 في المئة. واستمر القطاع المصرفي في تأمين حاجات الدولة من التسليف. وقد حققت المصارف في النصف الاول 2012 حتى حزيران أرباحا بلغت 801 مليون دولار، مقارنة مع 781 مليون دولار للفترة المماثلة من العام الماضي وهذا مؤشر جيد في ظل الأوضاع والظروف التشغيلية الصعبة محليا وإقليميا ودوليا.