عدنان القصار: لا طفرة عقارية في لبنان
أبدى وزير الدولة اللبناني ورجل الأعمال المعروف، عدنان القصار ارتياحه للواقع الاقتصادي في لبنان. ويعتقد القصار أن الاقتصاد اللبناني رغم العقبات التي يتعرض لها، ما زال قوياً وقادراًُ على تعزيز الاتجاهات الإنتاجية إلى جانب رفع الكفاءة التنافسية، بما سيؤدي حتماً إلى لجم الاتجاهات التضخمية وتوليد الفرص الاستثمارية المناسبة التي تصب في تحقيق التنمية المستدامة
يأتي تفاؤل وزير الدولة اللبناني عدنان القصار بعد أن انخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الماضية من 180 % إلى حوالي 150 %، بحسب رأيه استناداً إلى معطيات الموازنة الجديدة
ويعرب القصار عن تفاؤله أيضاً على الصعيد النفطي، حيث أن الأبحاث المتعلقة بتوافر النفط في لبنان هي كميات واعدة، لكنها تحتاج للمزيد من البحث والدراسة.
وفي حديث مفصل رد القصار على أسئلة أريبيان بزنس، مفندا مختلف الشئون الاقتصادية اللبنانية. وفي ما يلي نص الحوار:
نسمع الكثير عن وضع مالي واقتصادي مريح في لبنان رغم الأزمة الإقتصادية المالية، هل لك أن تشرح لنا الواقع الإقتصادي وعناصر الإرتياح وتدعيم رأيكم بالأرقام؟
حقق لبنان أداءاً مالياً واقتصادياً متميزاً في ظل الأزمة المالية العالمية الكبرى استحق تنويه مختلف المراجع الاقتصادية الدولية. فقد سجل معدل نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تقل عن 8 % خلال السنوات 2007 - 2009. كما تشير مختلف المؤشرات إلى توقع استمرار هذا المنحى الإيجابي في عام 2010 في ظل معدل مقبول للتضخم يتراوح بين 4 و5 %. وساهمت المناعة الفائقة للاقتصاد اللبناني في ظل أجواء الاستقرار والحيوية المعهودة للقطاع الخاص في تنامي موقعه كملاذ آمن للودائع والاستثمارات والتوظيفات.
فقد نمت الودائع المصرفية بنسبة 2.5 % في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2010، وبالتالي فإن النمو السنوي المتوقع يقارب 10 %. ويترقب لبنان 2.5 مليون سائح لعام 2010 بعائدات تناهز 9 مليار دولار. وتقدر الرساميل الوافدة إلى لبنان خلال الربع الأول من عام 2010، بحدود 4.4 مليار دولار، بزيادة بنسبة 65 % عن الفترة نفسها من عام 2009. ولذلك حقق ميزان المدفوعات فوائض تراكمية بلغت لغاية حزيران/يونيو من عام 2010 حوالي 1.4 مليار دولار، فيما كانت قد بلغت 7.9 مليار دولار عام 2009، وهي أرقام قياسية بالنسبة إلى لبنان.
وفي الواقع أن الأزمة العالمية الكبرى كانت فرصة للبنان ولنظامه الاقتصادي والمصرفي الذي أثبت مناعة فائقة، لا سيما وأن المصارف اللبنانية كانت متجاوبة إلى أقصى الحدود في الحد من المخاطر غير المدروسة، وعلى عهدها في ذلك منذ زمن طويل، ولها سمعة قوية بمهنيتها وحرفيتها وكفاءتها.
لكن الصورة ليست بمجملها وردية، حيث يبقى لدينا ثغرات هيكلية تتمثل بشكل أساسي بارتفاع نسبة الدين العام، إلى جانب احتياجات رفع كفاءة الخدمات من البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ما مصدر السيولة الوافدة إلى لبنان؟ وبكم يقدّر حجمها؟
سجلت التدفقات الرأسمالية إلى لبنان ارتفاعاً لا يقل عن 30 % خلال عام 2009 ووصلت إلى 16.5 مليار دولار للأشهر العشرة الأولى من عام 2009، وغالبيتها من تحويلات المغتربين اللبنانيين المقدرة بنحو 7 مليار دولار عام 2009، إلى جانب التحويلات والاستثمارات الأجنبية المباشرة التي لم تظهر أي تراجع بالرغم من الأزمة العالمية، وكذلك التحويلات النقدية للسياح خلال إقامتهم في لبنان. والتحويلات السياحية تلعب حالياً دوراً مهماً على صعيد تدفق الرساميل إلى لبنان في ظل الارتفاع الكبير في أعداد السياح. وتقدر حركة الرساميل الوافدة منذ نهاية عام 2006 إلى مارس/آذار 2010 بقرابة 55 مليار دولار
ما حجم الفائض المودع في البنوك؟ وما هي مخاطر إستمرار التضخم المالي؟
بلغت الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي بنهاية أيار/مايو 2010 حوالي 121 مليار دولار، وبلغ مجموع الودائع المصرفية فيها حوالي 100 مليار دولار، مقارنة مع 96 مليار دولار عام 2009. ذلك أن الكثير من الممولين اللبنانيين قد أعادوا توطين قسم كبير من ثرواتهم النقدية التي اعتادوا إيداعها في المصارف الغربية. وليس هناك فائض في المصارف، بل يمكن الحديث عن وجود سيولة يمكن أن تتاح للاستثمار المجدي بحدود 10 - 15 % من إجمالي حجم الودائع.
ونحن مطمئنون إلى سياسة المصرف المركزي الذي يتابع عن كثب تطور السيولة المتوفرة في الأسواق وتأثيرها على أسعار الأصول والخدمات، واضعاً هدفاً بأن لا يتجاوز معدل التضخم نسبة 4 - 5 % في عام 2010. لكن المخاطر قد تنشأ لدى حدوث تضخم عالمي لأن لبنان يستورد غالبية احتياجاته من الخارج ومن الطبيعي أن يتأثر بالاتجاهات العالمية، خصوصاً إذا ما استمر المنحى التراجعي في أسعار العملات الصعبة الرئيسية.
ما هي السياسات المتبعة لتخفيف الإحتقان المصرفي المالي؟ وهل يكفي الإستثمار في قطاعات محدودة لحل مشكلة التضخّم؟
ليس هناك احتقان مصرفي، والقطاع المصرفي اللبناني يمتاز بالكفاءة في إدارة محافظه الاستثمارية وتقليص مستوى المخاطر. وهناك سياسات وأدوات مالية كفوءة وفعالة يستخدمها المصرف المركزي في سياسته النقدية، وآخرها شهادات الإيداع. وعلى كل حال، فإن السيولة المرتفعة التي تدفقت إلى لبنان منذ أيلول/سبتمبر 2008، وتحول معظمها إلى الليرة اللبنانية سمحت بخفض أسعار الفوائد على سندات الخزينة بنسبة 3 % سواء كانت بالليرة أم بالدولار، مما سيساهم بتقليص كلفة الدين العام بنحو 1.5 مليار دولار، حيث سيتحقق ذلك لدى تجديد الدين تدريجياً.
أما بالنسبة إلى الشق الثاني من السؤال، فمن المهم أن نؤكد أن السوق الاستثماري في لبنان هو سوق حر وغير موجه. ولكن من المهم اتخاذ ما يلزم من حوافز وسياسات لتشجيع القطاع الخاص على تنويع مجالات الاستثمار لكي لا يبقى الاستثمار متمحوراً على قطاعات محدودة. ونحن نطمح إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاستثمارات الناجعة والحيوية للاقتصاد اللبناني، وبالأخص في مجال البنية التحتية من طرق وسكك وسدود وطاقة واتصالات ومشروعات بيئية واجتماعية وغيرها من المجالات التي يحتاجها الاقتصاد لينمو ويتطور استناداً إلى مزاياه النسبية، وليحسن كفاءة وإنتاجية المعروض من الخدمات العامة الضرورية للمواطن وكذلك للقطاعات الإنتاجية، بما ينمي، بالتالي، حجم الاقتصاد، ويفتح المجالات واسعة أمامه لمواكبة الاقتصادات الحديثة في شتى المجالات.
وعلى كل حال، فإن التضخم عادة ما ينشأ عندما تتجاوز معدلات الإنفاق معدلات الإنتاج الفعلية. ولذلك نحن نصر على اتخاذ الإجراءات المناسبة والفعالة لتقليص الدين العام وترشيد الإنفاق الحكومي وتعزيز دور القطاع الخاص في الإنفاق الاستثماري.
ما هي برأيكم انعكاسات هذه السياسة على المجتمع؟ وما المبالغ التي توظف في الاستثمار وتعود بالفائدة على المستثمر اللبناني؟
ما أشرت إليه من توجهات مهمة جداً لتوفير فرص عمل وتعزيز الاتجاهات الإنتاجية إلى جانب رفع الكفاءة التنافسية للاقتصاد اللبناني، بما سيؤدي حتما إلى لجم الاتجاهات التضخمية وتوليد الفرص الاستثمارية المناسبة التي تصب في تحقيق التنمية المستدامة.
ولبنان له تاريخ عريق في الاستثمارات المربحة، بدليل التطور المطرد للقطاع الخاص في لبنان وتنامي حركة الاستثمارات العربية والدولية. ونحن نعمل بالتواصل والحوار الدائم بين الهيئات الاقتصادية والسلطات الرسمية على معالجة الثغرات الهيكلية الموجودة بغية الاستمرار بتحسين بيئة الأعمال والاستثمار في لبنان. كما أود أن أوضح نقطة هامة تتعلق بمشروع قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهي أن هذه الآلية تشترط في نص القانون أن تقوم المشروعات على أسس استثمارية وتجارية سليمة ووفقاً لمعايير التمويل الدولية الصحيحة، وبالتالي سيكون هناك فوائد استثمارية قوية بإذن الله للمستثمرين وكذلك للقطاع العام.
هل تنعكس هذه السياسة على المجتمع وشرائحه المختلفة وكيف: سلباً أم إيجاباً؟
بالطبع، نظراً لأن تعزيز دور القطاع الخاص في الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية يساهم في زيادة كفاءة الاقتصاد ويعزز من تنافسيته ويولد الكثير من فرص العمل المستدامة. ولا شك أن النجاح في تفعيل قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستقطاب الاستثمار المحلي والعربي والدولي إلى مشروعات البنية التحتية سينعكس حكما على جميع شرائح المجتمع لأنه يساهم في تخفيض كلفة الخدمات العامة وتحسين كفاءتها، فضلا عن الانعكاسات غير المباشرة على كافة القطاعات الاستثمارية لما سيكون لها من تأثير كبير في تخفيض تكاليف الإنتاج، بالأخص إذا ما علمنا أن ضعف البنى التحتية وتدني كفاءة الخدمات العامة تمثل جانبا أساسيا من تكاليف الإنتاج والتجارة، وكذلك تكاليف المعيشة في لبنان.
هل يتجه الدين العام إلى الانخفاض أم إلى الارتفاع؟ وكم بلغ حجم الديون برأيكم؟
انخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الماضية من 180 % إلى حوالي 150 %. وبحسب معطيات الموازنة الجديدة، يقدر أن يصل العجز الإجمالي إلى 5675 مليار ليرة أي حوالي 3.8 مليار دولار، بزيادة 506 مليون دولار عن موازنة 2009، علما أن العجز قد تراكم على مر السنين حتى أصبح الدين العام يناهز 53 مليار دولار، 60 % منه بالليرة اللبنانية و40 % بالعملات الأجنبية، وخصوصا بالدولار الأمريكي.
ومؤخرا استفادت خزينة الدولة من الأداء القوي للاقتصاد اللبناني لترتفع الإيرادات ويسجل عجز الموازنة تراجعا بنسبة 39 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2010، خاصة مع الاعتماد على الانفاق على القاعدة الاثني عشرية. ومن المتوقع بعد إقرار الموازنة الجديدة أن تعود معدلات الإنفاق إلى الارتفاع لتمويل الأبواب والمشروعات التي تنطوي عليها. كما هناك نفقات تمويل خدمة الدين العام، مما يرجح استمرار ارتفاع المديونية العامة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية لضبط النفقات الأساسية المسببة، والتي يأتي في مقدمتها نفقات خدمة الدين العام ومخصصات الرواتب والأجور في القطاع العام والعجز المستفحل في مؤسسة كهرباء لبنان.
هل تعتقد أنّ الدولة اللبنانية مرتهنة للمصارف بسبب اعتمادها الكبير إن لم نقل الكلي عليها لتغطية احتياجاتها المالية؟ ما هي السياسات المطلوبة لتخفيف هذا الإرتهان؟
خرجت الدولة اللبنانية بعد انتهاء الحرب الداخلية منهكة لا سيما على الصعيد المالي، وقد ترافق هذا الوضع مع بدء عملية إعادة الإعمار، ونتيجة لذلك فقد اعتمدت الدولة اللبنانية منذ مطلع التسعينيات ولا تزال لغاية اليوم تعتمد إلى حد ما على القطاع المصرفي لتأمين حاجتها من السيولة بنسب تتراوح بين 55 - 60 % من إجمالي الدين العام. لكن تعبير "مرتهنة للمصارف" مبالغ فيه، خاصة وأن المصارف اللبنانية جزء أساسي من البنية الاقتصادية اللبنانية والمصدر الرئيسي لتمويل المشروعات، فضلا عن كونها المصدر شبه الوحيد لتمويل احتياجات الأفراد والقروض الشخصية. وأصحابها هم لبنانيون أصيلون لهم أيادي بيضاء على الاقتصاد والمجتمع اللبناني، كما أن معظم الودائع هي من اللبنانيين إن من المقيمين أم من المغتربين. وعلينا أن لا ننسى أيضا المحطات المضيئة العديدة لهذه المصارف في دعم الاقتصاد اللبناني والتقديمات المادية والاجتماعية التي وفرتها وتوفرها للدولة وللمجتمع بشكل عام.
أسعار العقارات ارتفعت بشدة. ما الأسباب التي أدت لهذا الارتفاع؟
حدثت الموجة الكبيرة من الارتفاع في أسعار العقارات في السنوات القليلة الماضية في إطار ظاهرة التضخم العالمية، بالأخص في النصف الأول من عام 2008. ومن ثم حدثت الأزمة المالية العالمية الكبرى التي أول ما أصابت قطاع العقار الدولي. ولكن أسواق العقار في لبنان نأت بنفسها عن الأزمات نظراً لضعف هامش المضاربات بسبب القيود الصارمة التي وضعها المصرف المركزي والتزمت بها المصارف الخاصة لتمويل المشروعات العقارية.
أما حالياً، فإن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العقارات في لبنان هو وجود طلب حقيقي على الاستثمار العقاري، وبالأخص من قبل اللبنانيين المقيمين والمغتربين الذي يمثلون 40 % من حجم الطلب، فضلاً عن الطلب المرتفع نسبياً من مواطني دول الخليج العربية. وقد سجل حجم المبيعات العقارية رقماً قياسياً بلغ 2.1 مليار دولار بنهاية الربع الأول من عام 2010، بزيادة بنسبة 41 % عن الفترة ذاتها من عام 2009.
وهناك ثلاثة عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع الأسعار، أحدها يتعلق بالتنافسية النسبية في أسعار العقارات في لبنان بالمقارنة مع محيطه الجغرافي. والعامل الآخر والأهم هو المزايا النسبية التي ينطوي عليها الاستثمار العقاري والسكني بفضل المناخ والأجواء المميزة للمعيشة والسكن والاصطياف في لبنان، مما يعطي قيمة مضافة مرتفعة لأي استثمار عقاري في لبنان. أما العامل الثالث فيرتبط بسياسة المصرف المركزي التي عملت على دعم تسهيل القروض السكنية من قبل المصارف الخاصة، مما ساهم في تلبية احتياجات الطلب على الإسكان. وإلى جانب المصارف الخاصة، تمنح التسهيلات والقروض السكنية ايضا من قبل مصرف الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان.
وأسعار العقار مرتبطة أولا وأخيرا بالعرض والطلب، حيث نشهد حالياً طلباً قوياً على الشقق السكنية الصغيرة والمتوسطة وسوقها مرشحة للتوسع كثيراً في المرحلة المقبلة، حيث الاستثمار في هذا المجال مربح كثيرا وله جدوى اقتصادية عالية. وعلى كل حال، فإن التجربة تشير إلى أن أسعار العقارات في لبنان تمتاز عموما باتجاه تصاعدي. وحتى في أسوأ الأزمات التي مر بها البلد لم تنخفض أسعار العقار بأكثر من نسبة 10 %.
أين تتركز عمليات الإستثمار العقاري؟ وما نسبتها في كل منطقة ولو بشكل تقريبي؟
ينقسم القطاع العقاري في لبنان إلى قسمين: السوق السكنية والسوق التجارية. بالنسبة للسوق السكنية، فإن بيروت تبقى اول اختيار لبناء مواقع جديدة، ويتجاوز حجم الاستثمار فيها نسبة 50 %، تليها محافظة جبل لبنان بنسبة 25 %، بينما تتوزع نسبة الـ 25 % على باقي المحافظات (البقاع، الشمال، الجنوب).
من هي القطاعات التي تستفيد من الإرتفاع ومن يتضرر؟
يعتبر الاستثمار في القطاع العقاري أحد أهم المرتكزات الاقتصادية والمحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي والعربي، ويمثل عادة بين 10 - 20 % من الناتج المحلي الإجمالي وقسماً كبيراً من فرص العمل، إلى جانب دوره في تدوير الاستثمارات إلى أكثر من 100 صناعة تقريبا ويعتبر مجالا أساسيا لفرص العمل.
ويستفيد بشكل مباشر من الارتفاع في أسعار العقارات شركات التطوير العقاري واصحاب العقارات، كما تستفيد بشكل غير مباشر القطاعات المرتبطة مثل السياحة والبناء وغيرها الكثير من القطاعات. وعندما يكون هناك نوع من التوازن في العرض والطلب فلن يكون هناك أي ضرر. أما لدى اتساع هامش المضاربات في الاستثمار العقاري فستحدث أضرار مباشرة على المضاربين العقاريين، كما تتأثر بشكل غير مباشر شركات التطوير العقاري بسبب التداعيات على حجم الطلب في الأسواق، ناهيك عن الانعكاسات السلبية على الاقتصاد بشكل عام.
حدثنا عن العلاقات بين السعودية ولبنان؟ وهل هناك مشاريع مشتركة؟ وهل تشارك في مؤتمرات اقتصادية تعقد في المملكة؟ وماذا عن العلاقات مع الدول العربية وهل هناك مشاريع مشتركة؟
يبلغ تعداد الجالية اللبنانية في المملكة حوالي 160 ألف لبناني. وتقدر الاستثمارات السعودية في لبنان بحوالي 4.2 مليار دولار. كما هناك حاليا أكثر من 600 مشروع سعودي لبناني مشترك معظمها في مجال الخدمات وأكثر من ثلثها مشروعات صناعية مرموقة. وبرأيي أن هناك مجالات كثيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية التي لا تزال أقل بكثير من الإمكانات والطاقات الفعلية. ونحن على تواصل دائم مع الفعاليات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، وبالأخص مجلس الغرف السعودية الذي هو في الواقع ركن أساسي من أركان اتحاد الغرف العربية. كما هناك العديد من الزيارات المتبادلة واللقاءات والاجتماعات. وقد كان لي مشاركة أساسية في "الملتقى الاقتصادي السعودي اللبناني الخامس" الذي عقد في لبنان خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2009، وكان ناجحا جدا وشهد مشاركة واسعة من قبل رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين إلى جانب المشاركة الرسمية الرفيعة المستوى. ومن المقرر أن يعقد الملتقى السادس خلال الربع الأخير من العام الحالي هنا في بيروت.
كما أن العلاقات مع الدول العربية الأخرى أيضا ممتازة، ولا سيما الكويت والإمارات ومصر وسورية وقطر وسلطنة عمان والأردن وغيرها من الدول العربية. ونحن مرتاحون إلى توجه حكومة الوفاق الوطني إلى تعزيز وتمتين هذه العلاقات على أسس رسمية ومؤسسية، مما تجلى بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات مع غالبية الدول العربية. وأشير في هذا المجال إلى التوقيع مؤخرا على 18 اتفاقية تعاون مع مصر. وكذلك وقع دولة الرئيس سعد الحريري مع سورية منذ أيام على 17 اتفاقية تعاون خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق. ومن الملاحظ أن جانبا هاما من الاتفاقيات التي يجري التوقيع عليها تركز على تطوير التعاون مع القطاع الخاص في البلد المعني، كما تركز على تشجيع الاستثمار في المشروعات التنموية في المجالات الحيوية للجانبين.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
في عملي الوزاري أنا اعتبر نفسي ممثلا للهيئات الاقتصادية، وأسعى جهدي لأنقل صوته وإرادته القوية لتعزيز دوره في التنمية وتوسيع المجالات والفرص أمامه للمشاركة في البناء والتنمية بشراكة قوية مع القطاع العام. وبمجرد أن تم تعييني وزير دولة في حكومة الوفاق الوطني، تسلم أخي ورفيق عمري عادل القصار زمام القيادة بالنسبة إلى العمل الخاص الذي أكثر ما يتركز في مجموعة فرنسبنك. وقد أخذت هذه المجموعة على عاتقها مشروعات طموحة للمستقبل، حيث تسعى لتوسيع نطاق الفئات والشرائح الاقتصادية والمجتمعية التي يمكن أن نوفر لها التسهيلات والتقديمات. ويأتي في هذا الإطار البرامج الجديدة والمقبلة التي تم إطلاق بعضها في مجال توفير التسهيلات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وللقطاعات الحيوية، مثل مجالات الاقتصاد المعرفي والصناعة والزراعة. كما يعمل فرنسبنك على التوسع إلى البعد الاستثماري العربي حيث العمق الطبيعي للبنان، حيث تم التوقيع مؤخرا على اتفاق مع برنامج تمويل التجارة العربية البينية. ولدينا أيضا تواجد قوي في عدد من الأسواق المصرفية العربية، حيث كانت التجربة ناجحة جدا بفضل الكفاءة العالية والسمعة الطيبة.
وأنا كما تعلم رئيس للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية ولدي تجربة طويلة في العمل في الاتحاد تقارب الخمسة عقود منذ أن بدأت في قيادة الغرف اللبنانية خلال السبعينيات، وخلال تجربتي في رئاسة غرفة التجارة الدولية، وأسعى جهدي لربط شبكة علاقاتي الدولية الواسعة من أجل تعزيز الحضور الدولي للاتحاد. والاتحاد اليوم يمثل القطاع الخاص العربي بكافة بكافة قطاعاته ومختلف شرائحه وتشعباته.
ما هي حقيقة الكميات المتوافرة للنفط في المياه الإقليمية اللبنانية؟
الموضوع ما يزال في بداياته ويحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث والعمليات التكنولوجية للشركات العالمية المتخصصة. ونحن متفائلون بالمؤشرات الإيجابية التي يشير إليها الخبراء والدراسات، ونأمل أن يأخذ هذا الموضوع حقه من الاهتمام.
وما هي أسباب التجاذب على استخراجه؟
هناك تضخيم في الإعلام حول هذه المسألة. والأمور تأخذ منحى صحيحاً خاصة مع التوجه إلى إقرار قانون ينظم عمليات التنقيب عن النفط ونجاح اللجنة النيابية المختصة بإقرار المواد الخمس الأولى من هذا القانون تمهيدا لإنجاز باقي المواد التي تحتاج إلى المزيد من الدرس.
هل تعتقد أنّ النفط في لبنان يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية؟
من السابق لأوانه الحديث عن ذلك، بالأخص وأن استثمار الثروة النفطية، في حال وجودها، يحتاج إلى المزيد من الوقت لاستكمال إقرار القانون ومن ثم تلزيم الشركات العالمية للاستكشاف، وما يلي ذلك من خطوات وإجراءات عملياتية وتكنولوجية. والمهم الآن هو إقرار القانون الجديد بما يحمي هذه الثروة وينظم عملية استثمارها على أسس سليمة.